بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 فبراير 2010

تقنيات التعليم عن بعد وآفاق تدريس القرآن الكريم وعلومه



نشرت لي مجلة التاريخ العربي مقالا بعنوان " تقنيات التعليم عن بعد وآفاق تدريس القرآن الكريم وعلومه" وهو يعالج موضوع تدريس القرآن الكريم وعلومه اعتمادا على تقنيات التعليم عن بعد، التي تفتح مجالا عظيما لنشر المعرفة وتطوير المجتمع وإخراج الإنسان المسلم الصالح، إذا استغلت كما ينبغي، وكان وراءها تخطيط واضح وتصور دقيق ونيات حسنة، فما أجدر الأمة اليوم أن تراجع نفسها وتستغل فرصة هذه الوسائل العظيمة التي تتيحها التقنيات الرقمية لإصلاح ما فسد وإحياء موات الفكر وبث الحماس في النفوس، وتأسيس عهد جديد لنهضة معرفية شاملة تبدأ من محو الأمية وتنتهي إلى تسديد الدراسات العليا المتخصصة مرورا بتفقيه الناس عامة في شؤون عقيدتهم ودينهم ومعاملاتهم، إننا في عصرنا في حاجة لمشروع معرفي للنهضة مثل المشاريع الحثيثة في الولايات المتحدة المريكية وفي أوربا وفي اليابان والصين..إننا ونحن نشتغل بقشور التقنيات وبريقها التافه حينما نعتني بمتابعة أخبارالهواتف المحمولة والشاشات الرقيقة الدقيقة واللهث وراء الجديد في مجال الاستهلاك المادي الكمالي التفاخري، لا نلتفت إلى مجالات أخرى ينكب عليها الغرب والشرق الأقصى مجال نشر المعرفة العلمية والفكرية عبر موجة من الابداع في وسائل القراءة والتواصل المعرفي مثل الكتب الرقمية ( ebook reader)والهواتف الذكية القادرة على عرض النصوص، واللوحات الشبكية، وآخرها ابتكارا لوحة ipad من شركة إيبل، وبينما تحتذم المعركة بين مختلف الشركات في هذا المجال الخطير، مجال يرمي لاستيعاب وعرض أكبر عدد من النصوص والكتب والمجلات والموسوعات في جهاز خفيف الوزن رائع التصميم جميل العرض ( انظر مثلا موقع www.ebouquin.fr الفرنسي) وتتصارع الشركات على عرض أفضل التقنيات للشاشات ولتحويل الخطوط اليدوية إلى مطبعية ولزيادة سعة التخزين، بينما يجري كل هذا حولنا في العالم؛ لا نكاد نجد مجلة عربية او موقعا تقنيا يهتم بهذا المجال ويسأل عن مكان العربية في هذا الخضم التقني الفكري واللغوي، لم أجد أحدا يسأل: هل يعرض قارئ كيندل من شركة أمازون اللغة العربية؟ كيف يتعامل قارئ شركة سوني مع لغة القرآن؟ ماذا أضافت لوحة إي باد؟؟
إن غيابنا عن هذا المجال حتى من ناحية الاستهلاك يظهر إلى أي مدى نحن متخلفون بالفعل، إننا لا نذكر هذه الأجهزة العتيدة التي توفر 1500 إلى 2000 كتاب في جهاز صغير لا يزيد وزنه عن 400 غرام مع إمكانية تسجيل الملاحظات والبحث ..يعني أننا لا نهتم بالقراءة، والغربيون يهتمون بهذه الأجهزة ويعملون على تطويرها لأنهم أمة تقرأ وتستهلك الكتاب بأي صيغة كان؟ وحتى الصين صارت شركاتها تفكر، بل عملت بالفعل على صنع اجهزتها الخاصة وصارت تخطط لنشرها في مدارسها وجامعاتها، لتقتصد في استهلاك الورق وتحافظ على بيئتها، وعملتها الصعبة التي تنفق لشراء الورق..
إن هذه الحالة تدعونا للتفكر والتدبر والعودة إلى كتاب الله تعالى لندرسه ونتدارسه ونجعله وسيلة للرقي بمجتمعاتنا لتصير مجتمعات معرفة وعلم وعقل، لا مجتمعات الخرافة والإشاعة مجتمع القيل والقال وكثرة السؤال، وهو ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم.
ختاما أتذكر حكمة قالها أحد حكماء العصر: " الغرب يقبل على المعرفة ونحن ندفع ّإليها" أترككم مع البحث المطول، والسلام

الثلاثاء، 16 فبراير 2010

ندوة الصحابة الكرام في التراث المغربي والأندلسي.

صورة جماعية للمشاركين في الندوة الدولية.
احتضنت مدينة طنجة "العالية"  يومي الأربعاء والخميس 25-26 صفر 1431هـ الموافق 10-11 فبراير 2010م ندوة دولية علمية في موضوع الصحابة في التراث المغربي والأندلسي، وقد جاءت هذه الندوة لتدرس هذا الموضوع الهام وتتيح المجال لإبراز إسهام المغاربة عموما في الإحتفاء بصحابة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وتبجيلهم ومحبتهم وتقديرهم لأنهم الأسوة الحسنة للمسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنهم سلف الأمة الذين وصلت الوحي قرآنا وسنة عن طريقهم فبلغوه وبشروا به،

 قد شارك في هذه الندوة المباركة طائفة من الأساتذة والباحثين من مختلف بقاع المغرب، ومن دول المغرب من تونس والجزائر وليبيا ومن بلاد الشرق من المملكة العربية السعودية. وتناولت البحوث التي ألقيت جوانب منوعة من تآليف المغاربة والأندلسيين حول الصحابة في التعريف بهم وتسجيل آثارهم وذكر من دخل منهم المغرب ومن استقر ومن عاد إلى الشرق، وتفصيل القول في انواع التصنيف حولهم تأريخا وتوثيقا وشعرا ونثرا، سجالا ومناظرة. وقد ظهر من خلال كل ذلك دوام محبة المغاربة والأندلسيين لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم إذعانا لما جاء به الوحي واقتضاه اتباع السنة والعمل بها، كما أبرزت هذه البحوث ضرورة العناية بهذا الموضوع في الوقت الذي تعمل فيه جهات غربية وشرقية على التنقيص من سلف الأمة الصالح والمصلح تمهيدا للتشكيك في نزاهتهم وعدالتهم التي نص عليها الوحي، وقطع صلة الأجيال بنهجهم واقتفاء أثرهم، وتوجت هذه الندوة بالإعلان عن إنشاء مركز عقبة بن نافع الفهري للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين ويكون مقره مدينة طنجة، يعمل على جمع الجهود وتنظيمها في مجال الدراسات حول الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.
وقد كانت جلسات الندوة على طولها، وبحوث المشاركين مع كثرتها ممتعة شيقة لا تتعب المتابع ولا تثقل عليه، فكنا نستمع ونستمتع ونتأمل ونتملى في جو روحاني طيب هاديء ننتقل فيه بين جلسات البحوث وبين أوقات الصلاة وخلال ذلك نحادث من نلاقيه من الإخوة الباحثين، نتبادل الرأي والفكر،ونتعارف ونتآلف، فكان العلو في هذه الندوة علو المكان وهي مدينة طنجة، العالية بجغرافيتها، وبأخلاق أهلها التي وصفها شاعر الحمراء بأنها كالمسك في أرج، وبكرمهم الجمّ وطيب السريرة، وعلو الموضوع: موضوع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعلو همة المنظمين الرابطة المحمدية للعلماء بدءا بأمينها العام الأستاذ أحمد العبادي ثم رئيس مركز الدراسات والأبحاث الأستاذ الزميل العزيز عبد اللطيف جيلاني، ثم المشتغلين معه من الشباب المجد النشيط الباحث المتسم بالحماس الشديد والأدب الجم، ومما زادني تقديرا لهذه الثلة الكريمة من الشباب مشاركتهم في الندوة ببحوث علمية لا تقل عن غيرها مما شارك به الأساتذة المميزون من دكاترة الجامعة المغربية، مما يجعلنا نتوسم فيهم الخير ونرجو لهم مزيدا من التألق والتوفيق.
لقد أجتمعت لهذه الندوة المباركة أسباب النجاح،  فتكللت به في كل الجوانب في التنظيم والبحوث.. كما ظهرت بركتها في الإعلان عن مركز آخر هو مركز ابن أبي الربيع للدراسات والأبحاث اللغوية، فالله تعالى نسأل أن يكلل جهود العاملين في هذا المجال بكل خيرن ويوفقهم لمزيد من النجاح للنهوض بفكر الأمة وإعادة مجد المغرب إلى سابق عهده يوم كان يحمل لواءه أمثال القاضي عياض، والشيخ زروق والونشريسي وابن البناء وابن سليمان الروداني والإمام اليوسي وعبد الله كنون وابن سودة.. فرحم الله هذا السلف الماجد ووفق حفدتهم للسير على آثارهم وإقتفاء السبيل التي ساروا فيها.

الخميس، 4 فبراير 2010

واحر قلباه من فراقك يا مولاي الحسين...










أهمية اعتبار السياق في المجالات التشريعية وصلته بسلامة العمل بالأحكام

مشاركة الأستاذ مولاي الحسين في ندوة نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء.










مناهج الاستمداد من الوحي

بحث للأستاذ مولاي الحسين ألحيان: قضايا الأعيان والاستمداد من الوحي النبوي



تلقيت بحزن وأسى بالغ نبأ وفاة صديقي وأخي العزيز مولاي الحسين ألحيان، فكانت مصيبة اهتزت لها النفس ودمعت العين وخفق القلب وخشع الوجدان، فيا لها من مصيبة عظيمة وكرب عميم، كنت قد هاتفته قبل أسابيع قليلة، قبل أن يدخل عزلته التي فرضها عليه المرض، ما كنا نظنه مرضا شديدا، وكنا نأمل أن يخرج إلينا مولاي الحسين بعد أسبوعين أو ثلاثة وقد استرجع عافيته، واستراح من الإرهاق الذي كان يعاني منه، ويستقبلنا بابتسامته المعهودة وعتابه الخفيف حينما نبطيء عليه، ثم يسألنا عن المشاريع والأعمال ما انجز وما لم ينجز..
كان مولاي الحسين شعلة حماس، وجذوة شغل، وينبوع معرفة، ومنهل صلاح،  وكيف لا يكون كذلك وهو من سلالة آل البيت الكرام رضوان الله عليهم.
كان مولاي الحسين ممن عرفوا قصدهم فساروا إليه، وفهموا عصرهم فانتهزوا فرصته، وأدركوا وظيفتهم فقاموا بها، فكتب ودرّس وحرر وألف وأشرف وناقش وربى وخرّج.. قاصدا وجه الله وخدمة العلم الشريف، والوفاء بما كان عليه السلف الصالح من علماء الأمة وربانييها، فرضي وفاز أرضاه الله ورضي عنه.
وقد بلي مولاي الحسين بالخاملين الكسالي من كل نوع أعداء النجاح، وخصوم العمل، ومكافحي الحماس ممن جعلوا اليأس ديدنهم والتواكل صفتهم والمكر والخداع سبيلهم، فوقفوا بكل سبيل سلكها، ومكروا بكل خير سار إليه، ونهضوا إلى كل شجرة غرسها ليأكلوا ثمرها بلا إذن، وإلى كل راية علاها ليلوحوا بها بدون وجه حق، وإلى كل بذرة غرسها ليدعوها بلا ذريعة، فصبر على ذلك وقد عرف طريقه، وأعلن لهم السلام وقد قرأه في اللوح صغيرا وفهمه في التفسير كبيرا، وسار بفرسه غازيا جيوش الجهل لا يلوى على شيء والقلم في يده ينضح فكرا ونورا ومعرفة، يملأ بها الطروس ويسود الأوراق، فسار وسار حتى أرهقه العمل والجهد فترجل عن فرسه تاركا لجامها لمن يحسن ركوبها من زملائه وتلامذته...
ذلك هو مولاي الحسين ألحيان شعلة وضاءة في سماء الفكر المغربي، ستذكره مقاعد الدراسة بالإخلاص واليقين في العمل، وتذكره أوراق الكتب بالإتقان والإجادة، وتذكره ميادين الندوات بحسن الإفهام ومتعة الحديث، ويذكره شيوخه بالبرور وحسن الصحية، ويذكره تلامذته بصلاح الأبوة والرأفة والحدب، ويذكره زملاؤه بصفاء السريرة وحسن المعشر، ويذكره جيرانه بجليل الاحترام والصيانة، ويذكره إخوانه وأهله بكريم المعاملة والإكرام، ويذكره معارفه بحسن العهد ودوام التعهد والزيارة..
فيا أيها الصديق العزيز الذي غادرنا، أتدري كيف تركتنا من وراءك حيارى مذهولين، وصرنا بعدك كطفل صغير أضاعته أمه وسط زحام سوق كبير، أتدري أن فراقك احرق الأكباد وألهب المشاعر وأسال الشؤون؟ ها أنت ذا قد لقيت ربك - إن شاء الله راضيا مرضيا- وها نحن من خلفك كلنا لوعة وأسى، فكيف نبكيك؟ وكيف نرثيك؟ وكيف نقوم بحقك بعدك؟ أترانا نبقى على عهدك سائرين محتفلين بوديعتك التي تركتها بيننا؟؟ أترانا نسير في السبيل التي اخترتها؟ أترانا نصبرك مثل صبرك؟ أترانا يملؤنا حماس مثل حماسك؟ اترانا نقوم بحق العلم والخلق كما قمت بهما؟ أترانا نحافظ على الحماس في وجه المثبطين الكسالى ؟ أترانا نسير على السبيل نفسها التي سرت عليها؟ وصبرت وصابرت؟
كان الله لنا ولك، ورحمك الله رحمة واسعة وأفاض عليك من عفوه بركات وبركات، وجعل مع من أحببتهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وبوأك منزلك في الفردوس إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستيشرا مسرورا بما قدمت وبرحمة الله لك، وبحميد سيرتك وجميل فعلك، وألحقنا بك صالحين غير مخزيين ولا مفتونين، وأصلح ذريتك وبلغها ما كنت تريد لها من صلاح ورشاد وألهمنا وذويك ومحبيك الصبر على فراقك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم