أي جلسة اقتنصها الرجل مرتاحا في سكينته الأبدية مستمتعا بكتابه لا يلتفت يمنة ولا يسرة؟ أي فرصة سنحت له ليخلو بنفسه بعيدا..بعيدا عن مشاغل الحياة وفتنها؟ فجلس في هذا الركن الحفي ؟ أي سر خبأته تلك الصفحات فلا يرفع بصره عنها لينظر يمنة إلينا نحن الذين نسترق النظر إليه ؟ أو يسرة حيث الحديقة الغناء والهواء الطلق؟ أي كتاب يطالع؟ أتراه كتاب ذكر وعبادة تسكن الروح بتلاوته؟ أم تراه في تاريخ الماضين وأيام سعدهم او نحسهم؟ أم تراه في أخبار العلماء الأعلام وجميل ذكرهم وحميد سيرهم؟ أم تراه حول آيات الكون وتدبير العزيز الجبار للخلق بأحسن إبداع وتدبير؟ أم تراه ذكريات أيام خلت ويوميات شباب كفاح وعزيمة؟ أم تراه رسائل أحبة رحلوا وخلفوا في النفس حسرة وكمدا؟
أي لحظة شدت الرجل إلى الكتاب فصرفته عن التقييد وقد أعد اليراع والدواة.. أي انسجام بين نظرته الفاحصة للسفر وجلبابه الأبيض الساطع، وجلسته الهادئة الساكنة فوق لبدته البسيطة؟
فلنصمت ...لنصمت.. فهذه لحظة خالدة مثلها ينتهز ويقتنص ويعاش ولا يتأمل.