خبب اليراع: فبراير 2012

السبت، 25 فبراير 2012

غوغل يحتفي بالرحالة المغربي ابن بطوطة "أمير الرحالة المسلمين "

يكرم محرك البحث العالمي غوغل الرحالة المغربي المشهور الخالد ابن بطوطة بجعله أيقونته لمدة يوم كامل، هذا الرحالة الذي جاب العالم القديم منطلقا من مدينة طنجة مسقط رأسه، ومفتشا عن خبايا العالم وغرائبه وعجائبه ليرجع بعد عقود من الزمن، حاملا في جعبته وقائع وأحداثا رواها وكتبت عنه، وانتشرت في العالم وقرأها الناس وهم ما بين مصدق ومتشكك، ولكن ابن بطوطة كما قال أبو الطيب المتنبي "نام ملء عينيه عن شوارد رحلته وسهر الخلق جراءها واختصموا" وسيبقون كذلك إلى ما شاء الله..
لقد قرأنا رحلة "تحفة النظارفي غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" واستمتعنا بها صغارا وكبارا وما زالت بأحداثها وغرائبها تشد الألباب وتنعش الخيال.. وإذا كان الناس عبر العصور قد اختلفوا حول الرحلة.. فإنهم قد اتفقوا على ريادة صاحبها وكونه من أعظم الرحالين على مدى التاريخ، وهذا ليس بأمر جديد على المغاربة الذين أحبوا الترحال والسفر والضرب في الأرض لأسباب كثيرة منها لاستكمال أركان الدين والقيام بفريضة الحج، فكان المغاربة اكثر الشعوب الإسلامية ارتحال إلى المعاهد الحجازية وتسجيلا لأسفارهم الطويلة لزيارة الروضة النبوية الشريفة والقيام بالشعائر..

ليرحمك الله يا أبا عبد الله الطنجي وليتقبل عملك الخالد خالصا لوجهه الكريم، فلعل الأحفاد يستلهمون من حياتك ورحلتك في هذه الدنيا ما يدفعهم للصبر والمثابرة..ليكتشفوا من خلال سفرك تراثهم وأسلافهم ومجدهم التليد الذي خطت في أسفار الزمان أمجاده الخالدة ..

ولمن لم يقرأ الرحلة أو طال عهده بها، أهديه هذه الطبعة المغربية بتحقيق الأستاذ عبد الهادي التازي، والله الموفق والسلام

عنوان الكتاب: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار (رحلة ابن بطوطة)
المؤلف: شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي
تحقيق: الدكتور عبد الهادي التازي
الناشر: أكاديمية المملكة المغربية - الرباط - 1997

رابط التنزيــــــــــــــــــــــل

لماذا الخبب؟

الخبب في اللغة نوع من العدو، قال الفرزدق:

يقطعـن كـل مـدى بعيـد غولـــــه

خبــب السبــــاع يقــــدن بالأرســـــان

أما اليراع فهو القصب، ومنه كان يصنع القلم قديما للكتابة بالصمغ، فسمي به وحمل اسمه، قال الشاعر احمد شوقي:

ومـن شرف الأوطـان ألا يفوتهــــا

حســام معـــز أو يــــراع مهـــــذب

ولكن هل يصح اليوم في هذا المقام الذي نكتب فيه أن نتحدث عن اليراع وقد اختفى من أنامل الأجداد فضلا عن الآباء وصار زينة المتاحف، إلا ما ندر فلا يكاد يوجد إلا في كتاتيب القرآن او مدارسه، يكتب به الحفاظ المعلمون على ألواح التلاميذ. وليس هناك اليوم إلا تكتكات مفاتيح لوحة الكتابة الحاسوبية، وخبب مؤشر الكتابة على الشاشة يجري يمينا ويسارا، ويقفز علوا وهبوطا، عارضا الأحرف وهي تلتصق ببعضها لتبدي كلمات مفهومة وجملا متناسقة، أو فاصلا بينها بالبياض حتى لا تختلط المعاني وتتداخل الألفاظ. فإذا بالفقرات تتوسع والصفحات تمتليء، فيأتي دور التنسيق والقص واللصق والتصحيح والتزويق.
ولكن هل ذوى عصر اليراع وورثته الطابعة، هل غابت شمسه وراء أفق التقنية الواسع فلا نستطيع إعادة عهده إلا بالذكرى، كما قال الشاعر:

حلـــم قـــد مضــــى وأيــــام أنــس

ذهبـت غيــر مزمعــــات الإيــــاب

غير أن اليراع وإن انصرم عهده، وعسعس ليله، لم يذهب دون أثر فترك للناس ما رقم في خببه، صحائف ناطقة بجمال سيره ونبيل قصده، وذلك هو تراثنا الجميل النديّ الذي لا تلهينا عنه طقطقة ولا تكتكة، ولا لوحة ولا شاشة، بل تدفعنا إلى تأمله واستلهامه وتحليله واستشراف مستقبلنا من خلاله، حتى نستطيع أن نتعلم من اليراع أن سبيل النجاح هي الخبب والعدو في مناحي الإبداع، والانطلاق إلى سماوات المعالي، أسوة بالأجداد الذين كانت هممهم تكفيهم، وأفكارهم تغنيهم، وزهدهم يدنيهم من القصد:

هِمَـــمٌ تجــــاوزت السِّمــــاكَ مكانـــةً

وعلَــــت على الجــوزاءِ والميـــــزانِ
لــم يُبلِــها مـــرُّ العصــورِ ولـم تَـزَل

مــــا عَمَّــرَت مرصوصـةَ البُنيـــانِ
تبقــــى بقــاءَ العالميـــن مَصُـــونَةً

تزهـــو بِثَــوبِ نَضـــارَةِ الرَّيعــــانِ
تلــك الكنـــوزُ الخالـــداث بــــراءةٌ

للعامليـــــن مَرَاحِــــــمُ الغُفــــــــــرانِ

تلك هي همم الأجداد أفلا نقتفي أثرها ونترسم سبيلها، ونجعل ما لدينا من وسائل سندا لإدراك ما ادركوا من غايات؟
ذلك هو السؤال وهذا ما ينبغي أن يكثر حوله نقر اللوحات والنظر في الشاشات...
وبعد، فهذا جهد مقل في مجال الكتابة، وهو إن زاغ يراعه أو أجفل فإن نيته حسنة وقصده طيب، فليكتب بين ذوي النيات إن أعوزه إدراك المقاصد:

كـــل ينـــال علـى مقــــدار نيتــه

والعاملــون علــى مقـــدار مــا عملـــوا

هذا كل ما حضر الآن، وعلى المحبة والسلام.

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 فبراير 2012

غوغل يحتفي بالرحالة المغربي ابن بطوطة "أمير الرحالة المسلمين "