بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 4 فبراير 2010

واحر قلباه من فراقك يا مولاي الحسين...










أهمية اعتبار السياق في المجالات التشريعية وصلته بسلامة العمل بالأحكام

مشاركة الأستاذ مولاي الحسين في ندوة نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء.










مناهج الاستمداد من الوحي

بحث للأستاذ مولاي الحسين ألحيان: قضايا الأعيان والاستمداد من الوحي النبوي



تلقيت بحزن وأسى بالغ نبأ وفاة صديقي وأخي العزيز مولاي الحسين ألحيان، فكانت مصيبة اهتزت لها النفس ودمعت العين وخفق القلب وخشع الوجدان، فيا لها من مصيبة عظيمة وكرب عميم، كنت قد هاتفته قبل أسابيع قليلة، قبل أن يدخل عزلته التي فرضها عليه المرض، ما كنا نظنه مرضا شديدا، وكنا نأمل أن يخرج إلينا مولاي الحسين بعد أسبوعين أو ثلاثة وقد استرجع عافيته، واستراح من الإرهاق الذي كان يعاني منه، ويستقبلنا بابتسامته المعهودة وعتابه الخفيف حينما نبطيء عليه، ثم يسألنا عن المشاريع والأعمال ما انجز وما لم ينجز..
كان مولاي الحسين شعلة حماس، وجذوة شغل، وينبوع معرفة، ومنهل صلاح،  وكيف لا يكون كذلك وهو من سلالة آل البيت الكرام رضوان الله عليهم.
كان مولاي الحسين ممن عرفوا قصدهم فساروا إليه، وفهموا عصرهم فانتهزوا فرصته، وأدركوا وظيفتهم فقاموا بها، فكتب ودرّس وحرر وألف وأشرف وناقش وربى وخرّج.. قاصدا وجه الله وخدمة العلم الشريف، والوفاء بما كان عليه السلف الصالح من علماء الأمة وربانييها، فرضي وفاز أرضاه الله ورضي عنه.
وقد بلي مولاي الحسين بالخاملين الكسالي من كل نوع أعداء النجاح، وخصوم العمل، ومكافحي الحماس ممن جعلوا اليأس ديدنهم والتواكل صفتهم والمكر والخداع سبيلهم، فوقفوا بكل سبيل سلكها، ومكروا بكل خير سار إليه، ونهضوا إلى كل شجرة غرسها ليأكلوا ثمرها بلا إذن، وإلى كل راية علاها ليلوحوا بها بدون وجه حق، وإلى كل بذرة غرسها ليدعوها بلا ذريعة، فصبر على ذلك وقد عرف طريقه، وأعلن لهم السلام وقد قرأه في اللوح صغيرا وفهمه في التفسير كبيرا، وسار بفرسه غازيا جيوش الجهل لا يلوى على شيء والقلم في يده ينضح فكرا ونورا ومعرفة، يملأ بها الطروس ويسود الأوراق، فسار وسار حتى أرهقه العمل والجهد فترجل عن فرسه تاركا لجامها لمن يحسن ركوبها من زملائه وتلامذته...
ذلك هو مولاي الحسين ألحيان شعلة وضاءة في سماء الفكر المغربي، ستذكره مقاعد الدراسة بالإخلاص واليقين في العمل، وتذكره أوراق الكتب بالإتقان والإجادة، وتذكره ميادين الندوات بحسن الإفهام ومتعة الحديث، ويذكره شيوخه بالبرور وحسن الصحية، ويذكره تلامذته بصلاح الأبوة والرأفة والحدب، ويذكره زملاؤه بصفاء السريرة وحسن المعشر، ويذكره جيرانه بجليل الاحترام والصيانة، ويذكره إخوانه وأهله بكريم المعاملة والإكرام، ويذكره معارفه بحسن العهد ودوام التعهد والزيارة..
فيا أيها الصديق العزيز الذي غادرنا، أتدري كيف تركتنا من وراءك حيارى مذهولين، وصرنا بعدك كطفل صغير أضاعته أمه وسط زحام سوق كبير، أتدري أن فراقك احرق الأكباد وألهب المشاعر وأسال الشؤون؟ ها أنت ذا قد لقيت ربك - إن شاء الله راضيا مرضيا- وها نحن من خلفك كلنا لوعة وأسى، فكيف نبكيك؟ وكيف نرثيك؟ وكيف نقوم بحقك بعدك؟ أترانا نبقى على عهدك سائرين محتفلين بوديعتك التي تركتها بيننا؟؟ أترانا نسير في السبيل التي اخترتها؟ أترانا نصبرك مثل صبرك؟ أترانا يملؤنا حماس مثل حماسك؟ اترانا نقوم بحق العلم والخلق كما قمت بهما؟ أترانا نحافظ على الحماس في وجه المثبطين الكسالى ؟ أترانا نسير على السبيل نفسها التي سرت عليها؟ وصبرت وصابرت؟
كان الله لنا ولك، ورحمك الله رحمة واسعة وأفاض عليك من عفوه بركات وبركات، وجعل مع من أحببتهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وبوأك منزلك في الفردوس إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستيشرا مسرورا بما قدمت وبرحمة الله لك، وبحميد سيرتك وجميل فعلك، وألحقنا بك صالحين غير مخزيين ولا مفتونين، وأصلح ذريتك وبلغها ما كنت تريد لها من صلاح ورشاد وألهمنا وذويك ومحبيك الصبر على فراقك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


ليست هناك تعليقات: