بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 أبريل 2010

المكتبة العياشية في الرباط.

حضرت مؤخرا ندوة علمية مهمة بدعوة من المكتبة الوطنية بالرباط حول المكتبة العياشية، شارك فيها ثلة من الباحثين والمهتمين أدلى كل واحد منهم بدلوه في الحديث حول هذه المكتبة وحيثيات إنشائها وتطورها وتنظيمها ومحتوياتها المخطوطة  النادرة، وتأتي هذه الندوة في سياق اهتمام جديد بهذه المكتبة المستقرة في قلب جبال الطلس الكبير الشرقي في منطقة الرشيدية، في الوقت الذي عملت وزارة الأوقاف على بناء مقر جديد بمرافق ثقافية وعلمية مهمة، وتوقيع المكتبة الوطنية اتفاقية للصيانة والرقمنة.
ولقد سررت بهذه الدعوة الكريمة التي وجهت إلي للمشاركة في أعمال هذا اليوم، وكانت الندوة ناجحة بكل المقاييس فقد كان عدد المحاضرين محدودا، وكان جمهور المتابعين على قدر كبير من الدراية والمتابعة، تجلت في النقاشات الغنية التي أثاروها والإضافات الثرة للعروض المقدمة، كما كان التنظيم محكما ودقيقا بهمة الأستاذ الدكتور الحسن تاوشيخت مدير قطب التدبير والمحافظة بالخزانة الوطنية.
لقد تجسد في هذه الندوة ذلك التلاحم المتين بين التراث وأنصاره ومحبيه أولائك الذين يقدرونه ويعرفون قيمته في نهضة المجتمع وترشيد تنميته والحفاظ على قيمه العريقة، وبين مختلف الهيئات المسهمة في تنظيم هذا الملتقى من معاهد ومؤسسات حكومية مركزية ومجالس جهوية وجماعات محلية.
كما تبلورت خلال هذه اللقاء مفاهيم دقيقة للتراث المغربي والعلاقة بين تنوعه الغني وأصالته المبدعة، وبين اختلاف لغاته وألسنته، ووحدة المجتمع الذي نشأ فيه وتطور، وقد بدا وكأن هؤلاء الباحثين - خاصة الذين تعرضوا لجذور هذا التراث وأصوله - وكأنهم اتفقوا على أن هذاالتنوع دليل الوحدة التي جسدها المغاربة في عنايتهم بالعلم واحتفائهم باللغة العربية، وعدم تفريطهم في لغاتهم المحلية الأمازيغية وغيرها، وتشبتهم بالعقيدة الإسلامية والشرع الحنيف، وارتباطهم بالشرعية، ومن نادر المصادفات أن هذا التصور الشامل العميق الذي صدر عنه الباحثون المشاركون، سبق إلى الإشارة إليه والتوطئة له الأستاذ إدريس خروز مدير المكتبة الوطنية في كلمته المتميزة في الجلسة الافتتاحية للندوة.
لقد كانت هذه الندوة فرصة جديدة لإبراز جانب مهمل من حضارة المغرب وإبداعه وإخلاصه للعلم والمعرفة والثقافة والفكر، هذا الجانب الذي تمثله المكتبة العياشية، رجائي الحار أن ياتفت إلى باقي مراكز المعرفة في المغرب إلى المكتبات الخاصة التي تشهد نزيفا يوميا للتراث المغربي نحو بلاد أخرى تعاني الجفاف وتريد أن تستر عورتها التراثية باستجلاب وادعاء التراث المغربي الذي يأبى وهو في هذه الغربة المميتة إلا أن يبرز هويته وانتماءه من خلال مضامينه وخطه وزخارفه وتوقيعات النساخ والملاك.. فهل ننتبه إلى هذا التراث الغني قبل فوات الأوان ؟؟..
في ختام هذا اللقاء العلمي الثري طرحت بعض التوصيات منها عقد لقاء جديد بالزاوية نفسها بعد تجديدها، وطبع أعمال هذه الندوة العلمية ضمن منشورات المكتبة الوطنية..
قريبا بحول الله سأتيح الاستماع إلى كافة عروض الندوة في هذه المدونة، بعدما قام بتسجيلها الأخ الكريم الأستاذ لحسن أيت الفقيه وأتحفني بأريحية وسخاء بنسخة منها، فله جزيل الشكر والتقدير.
والسلام
رابط برنامج الندوة


ليست هناك تعليقات: