بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 23 أغسطس 2009

صور من مدينتي: سحر الضوء وغفلة الزمن.

ما أحلى الصدف وما أكثر ما تسوق إلينا من مفاجآت طيبة وكنوز ثمينة، تكون حولنا تطوف علينا، ونحن لاهون عنها ساهون عن وجودها، خاصة في هذا الزمن الرقمي الجارف.
كنت أبحث في الموقع العالمي للصور ( فليكر)، فاتفق أن كتبت اسم المدينة التي نشأت بها وهي مدينة تارودانت، حاضرة سوس، وبلد التاريخ العريق والسكينة والهدوء، والحياة الهادئة، فاجأني هذا الموقع العالمي بمجموعة من الصور الطريفة لهذه البلدة، بعضها قديم يعود إلى أوائل القرن العشرين وكثير منها حديث، صور الطبيعة والناس والبنايات والأسواق... غير أن ما استوقفني أكثر هو مجموعة صور للسائحة الأسترالية ويندي تينر (Wendy Tanner) التي زارت المدينة سنة 1975 والتقطت مجموعة من الصور، قامت بعد 33 سنة بنشرها على فليكر.
تصفحت هذه الصور واحدة واحدة...تذكرت المدينة عندما كنت طفلا يدرس في المستوى الابتدائي، رأيت مناظر وشخوصا قد انمحت من ذاكرتي، تذكرت بنايات تغيرت وأحوالا تبدلت، وملابس تغيرت، وهيآت تحولت... كان الأمر رجوعا إلى التاريخ وتذكرا لزمن مضى وانقضى وعدا التحول على كثير
من جوانبه، ولم تبق منه سوى ملامح باهتة وأطلال دارسة تحكي مرارة الأيام ...رأيت سوق جنان الجامع كما كان، ورحبة الزرع حيث تباع الحبوب، وسور المدينة الذي سقطت أجزاؤه ثم رممت بمواد جديدة تخالف ما كان عليه فصار الترميم مسخا، رأيت أزقة المدينة الضيقة وممراتها الصغيرة درست بعد أن سقطت الجدران التي كانت تحوطها، فتوسعت وصارت طرقا متسعة شيئا ما..رأيت مظاهر انقرضت من المدينة أو كادت..رجال بعمائم وجلاليب يمتطون بهائم، وتجارا في السوق متقلدين (الشكارة).. كانت تلك صورة جميلة لبعض مظاهر مدينتي قبل أزيد من 30 سنة...
ولابد هنا أن ننوه بمبادرة هذه السائحة التي أتحفتنا بالصور الناذرة، وقد سبق أن أشرت في إحدى الدراسات التي ستنشر قريبا عن توثيق السياح للتراث المغربي، أننا نعيش مرحلة استعادة التراث عبر الصور الشمسية وشرائط الفيديو التي نراها تعرض على الشبكة العالمية للمعلومات، تنبؤنا عن ماض نسيناه أو تناسيناه وتفضح أمام أعيننا سرعة تغير مجتمعنا، وتبدل أحواله المادية وما يثوي خلفها من قيم وعادات حميدة صارت الآن على أطراف النخيل، فهل سنتنبه لهذا التحول السريع المخيف، أم أننا سننظر إلى هذه الصور وكأنها تحف من التاريخ لا نفع لها إلا ما فيها من طرافة وما تثيره في النفوس من الشجن والشوق...
ختاما ذكرت السائحة الأسترالية أنها التقطت الصور عندما قضت بالمغرب ستة أشهر وعمرها آنذاك 26 سنة،
قضت منها زمنا في تارودانت في ضيافة أسرة الشنكيطي، كما ذكرت أن الذي دفعها إلى نشر هذه الصور بعد مضي هذا الوقت ابنها الذي عاد من سفره الأول خارج البلاد وهو الآن في سن والدته عندما زارت المغرب، فحثها على رقمنة الصور ونشرها.. وهنا يتوقف الكلام ويفسح المجال للضوء والألوان لعلها تكون أكثر تعبيرا ووضوحا..

ربما تكون هذه الحوانيت في ساحة أسراكَ
تجار الحبوب برحية الزرع بسوق جنان الجامع
يائع الخزف في سوق جنان الجامع
تجار البزار
باب تارغونت
باب القصبة
باب القصبة منظر جانبي




زقاق في اتجاه مسجد سيدي وسيدي يمينا والزاوية التجانية يسارا

مسجد فرق الأحباب الباب الغربي
الباب الجنوبي لمسجد فرق الأحباب (وهو محاذ لبقعة بيضاوش إيطا المبنية حديثا)
وبقية الصور في عرض على الرابط التالي بموقع:
*************************
ثم بعد نشر هذه الخاطرة توصلت برسالة جوابية من السائحة الأسترالية ( وهي مدرسة للغة الأنجليزية) نصها:

Hello Esaid
.... I am honoured that you have blogged my photos - I wish I could read Arabic, so I could read your blog !! I am very pleased that you enjoyed to see the photos. I have wonderful memories of Taroudant too.
I am wondering what faculty you work in as a professor. I am also a teacher - I teacher English adult migrants, here in Australia......
I wish you a good month for Ramadan

هناك تعليق واحد:

Fouad Saidy يقول...

مدينة تارودانت كيف كانت وكيف أصبحت ما أشد تأثير الزمن في شوارعها وأزقتها ومبانيها الأثرية.
شكراً أخي على هذه الصور النادرة لمدينة تارودانت.